حقوقيون لـ “احوال ” عن حالة الطوارئ: رئيس مجلس النواب خالف القانون
قوبل قرار إعلان حالة الطوارئ بغضب شعبي واعلامي، وحذّر ناشطون وحقوقيون وإعلاميون من قرار إعلان حالة الطوارئ الذي صادق عليه مجلس النواب الخميس. واعتبر حقوقيون القرار مخالفاً للدستور لناحية الصيغة القانونية، فيما لفت صحافيون أنّ القرار يهدف إلى قمع الحريّات العامة عبر الحدّ من التجمعات الشعبية والتظاهرات المطالبة في التحقيق الجدي بقضية انفجار بيروت. واستنكر ناشطون مدنيون القرار واعتبروه قمعاً للحريّات، لاسيّما في شقه المتعلّق بمصادرة الأشخاص والممتلكات ومنع التجمعات، واصفين القرار بالقمعي، “لمنع إيصال صوت الناس المطالب بمحاكمة المسؤولين عن حدوث انفجار مرفأ بيروت..”
حقوقيون: رئيس مجلس النواب خالف القانون
أصدرت المفكرة القانونية بياناً حول قرار إعلان حالة الطوارئ أشارت من خلاله إلى توسيع صلاحية المحكمة العسكرية لمحاكمة المدنيين في جميع الجرائم المخلّة بالأمن، يتمكن للجيش من خلالها “منع الاجتماعات المخلّة بالأمن” . وأوضح البيان أنّ القرار يقضي “بفرض الإقامة الجبرية على من يقوم بنشاط يشكل خطراً على الأمن”.
واعتبر المحامي والعضو المؤسس للمفكرة القانونية نزار صاغية القرار الذي صدر عن مجلس النواب غير قانوني ومخالف للدستور. وقال في اتصال مع “احوال” إنّه يتحتّم على المجلس النيابي دراسة قرار الحكومة القاضي بإعلان حالة الطوارئ ، مستغرباً تحديد فترة البدء بتنفيذ القرار منذ تاريخ انعقاد جلسة مجلس النواب، كاشفاً أنّ القرار صدر من الرئيس نبيه بري، “دون إستناده على أي مسوّغ قانوني” متهماً إيّاه بمخالفة الأطر الدستورية. وأكّد صاغية أنّ ما قام به رئيس مجلس النواب هو “مخالقة قانونية جسيمة” لافتاً إلى أنّ تمديد حالة الطوارىء بهذه الطريقة هو غير قانوني وقابل للطعن.
وأوضح المحامي أنّ حالة الطوارئ تعطي صلاحيات اسثتنائية للجيش كمنع التجمعات والتظاهرات، وفرض رقابة على الاعلام والنشر، ووصفها بالحل السحري لإيقاف المعارضة. وكشف صاغيه عن تبعيات هذا القرار القاضي بتحويل أي متظاهر للمحكمة العسكرية، مشيراً إلى توسّع صلاحيات المحكمة العسكرية.
إلى ذلك، اعتبر صاغية أنّ لا مبرر لإعلان حالة الطوارىء، وقال “يجوز إعلان حال الطوارئ عند حدوث كارثة، وهذه الكارثة لم تؤدِ الي تداعيات أمنية أو عسكرية تقضي بتسليم السلطة في بيروت للجيش.” ودعا إلى وضع كل أجهزة قوى الامن والجيش بتصرف الناس والوقوف عند حاجاتهم، موضحاً “كنا نتوقع تعبئة عامة كمساعدة الجيش للناس في تنظيف البيوت.” واعتبر الحقوقي أنّ السبب وراء القرار هو الخوف من غضب الناس بظلّ الإحتجاجات الشعبية، والظروف السياسية المحيطة وأهمها القرار المتوقع صدوره عن المحكمة الدولية.
تخوّف لبناني من حالة الطوارىء
تخوّف اللبنانيون من تداعيات إعلان حالة الطوارئ في بيروت، واعتبر إعلاميون أنّ القرار من شأنه أن يقمع عمل الصحافة في ملاحقة المسؤوليين عن انفجار مرفا بيروت.
موقف الصحافة
واستنكر صحفيون نصّ القرار ملوّحين بمواجهة وتحدي “السياسة القمعية والعسكرية التي تمارسها الدولة”. وكشفوا في فيديو نشره حساب نقابة الصحافة البديلة على تويتر رفضهم لقرار إعلان حالة الطوارئ، موضحين أنّه يعطي السلطة صلاحية مطلقة بالتضييق على الإعلاميين والمواطنين، “بوقت نحن بحاجة لضغط الشارع لمحاسبة المسؤولين عن انفجار بيروت.”
ونُشرت على حساب ميغافون عبر تطبيق تويتر سلسلة تغريدات مهاجمة لرئيس مجلس النواب، تتضمن تلميحاً “لمخالفة واضحة للدستور”.
بعدما أمضى نبيه برّي قرابة ثلاثة عقود كرئيس للسلطة التشريعيّة، بدأ ينصّب نفسه فقيهاً فوق العادة، لا بل وضع نفسه اليوم مكان الدستور. فما كاد البرلمان يصادق على إقرار حالة الطوارئ، حتّى أفتى برّي بأنّ تطبيقها يبدأ من اليوم ولغاية 15 يوماً
وجاء في التغريدت: ما كاد البرلمان يصادق على إقرار حالة الطوارئ، حتّى أفتى الرئيس نبيه برّي بأنّ تطبيقها يبدأ من الأمس ولغاية 15 يوماً. هذا مخالف تماماً للدستور الذي ينصّ على أنّ مجلس النوّاب يجتمع خلال 8 أيّام للنظر في مرسوم الطوارئ الصادر عن الحكومة، لكنّه لا يستطيع إعلان حالة الطوارئ بنفسه، ولا يحقّ له تمديدها ما لم تفعل الحكومة ذلك. وهذا يعني أنّ حالة الطوارئ التي أعلنتها الحكومة في 5 آب ووافق عليها مجلس النوّاب اليوم، تنتهي في 19 آب. أمّا حالة طوارئ بصيغتها الحالية، فيريد مجلس النواب لها أن تبقى حتّى 28 آب.
ناشطون ومجتمع مدني
واستنكر ناشطون في الثورة قرار إعلان حالة الطوارئ، ووصفوه بالقمعي. ووصف محتجون أداء السلطة بالقاسي لإحكام قبضتها الأمنية، وقالوا في اتصال مع “احوال”، “منذ بداية أزمة كورونا والمنظومة السياسية تحوم حول مسوّغات الحلول الأمنية، وذلك لإحكام قبضتها الأمنية.” واعتبر ناشطون أنّ هذا القرار “يأتي في نفس السياق رغم ضعف الحجج لإستخدامه”، موضحين أنّ الهدف منه مواجهة مرحلة ضبابية يلاقيها غضب االشعب. ولفت ناشطون أنّ القرار اتخذ لمنع إيصال صوت الناس وبالتالي القضاء على حريتهم، بظلّ “غياب أيّ رؤية سياسية لحلول سريعة عند منظومة سياسية عاجزة وفاشلة، يبدو اللجوء للقمع والإنقضاض على حريات الناس الملجأ الأخير.”
وقالت الباحثة في منظمة هيومن رايتس ووتش آية مجذوب في تصريح لوكالة فرانس برس الخميس، عن خشية المنظمة من “استخدام حالة الطوارئ ذريعة لقمع الاحتجاجات والقضاء على المطالب المشروعة لشريحة واسعة من اللبنانيين”.
واعتبرت “المفكرة القانونية” وهي منظمة غير حكومية تُعنى بدرس القوانين وتقييمها، في بيانها الأربعاء أنّ “إعلان الطوارئ تبعاً للكارثة ولو جزئياً في بيروت يؤدي عملياً إلى تسليم مقاليد السلطة في المدينة إلى الجيش والمسّ بحريات التجمع والتظاهر”، وأضاف البيان: هذا الأمر غير مبرّر طالما أن الكارثة لم تترافق أقله حتى الآن مع أيّ خطر أمني”.
وكان مجلس النواب أقرّ الخميس، في أول جلسة بعد انفجار المرفأ، التي عُقدت في قصر الأونيسكو إعلان حالة الطوارئ في بيروت. وتزامن هذا القرار مع وفود بوارج أجنبية لإغاثة لبنان عقب انفجار بيروت.
لطيفة الحسنية